[phpBB Debug] PHP Notice: in file /includes/session.php on line 942: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /language/en/common.php:1)
[phpBB Debug] PHP Notice: in file /includes/functions.php on line 3549: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /language/en/common.php:1)
[phpBB Debug] PHP Notice: in file /includes/functions.php on line 3551: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /language/en/common.php:1)
[phpBB Debug] PHP Notice: in file /includes/functions.php on line 3552: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /language/en/common.php:1)
[phpBB Debug] PHP Notice: in file /includes/functions.php on line 3553: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /language/en/common.php:1)


القصة الكاملة لوفاة بومدي

Parler de Tout et de Rien Tout Simplement

القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby l@M-!no28 on Wed 23 Jul 2008 21:35

القصة الكاملة لوفاة الرئيس بومدين (الجزء الثاني)
الدولة الجزائرية... وزحف الأطباء

الرئيس الراحل رفقة زوجته أنيسة انتهينا في الحلقة السابقة إلى سؤالٍ يمثل إشكاليةً بالنسبة للمهتمين بحياة بومدين، هي: محاولة جادة لمعرفة إن كان قد تعرض للاغتيال عند معالجته من طرف الأطباء؟ وهو سؤال لم يتبع بإجابةٍ ذات طابعٍ مؤامراتي، وإن كانت تصريحات الأطباء بعد وفاة بومدين بسنوات قد أشارت بوضوح إلى صراعٍ بين مدارس الطب الغربية والمدرسة الروسية في ذلك الوقت.


* المسؤولون الجزائريون والأنابيب... والتعجيل بالموت
* أسرار المرض وخوف السوفيات... وحسم الزعيم
* حكومات وأطباء وخصومات في اللحظات الأخيرة

وبغض النظر عن تعليقات الأطباء وتصريحاتهم، فإن الاهتمام الذي أولته الدولة الجزائرية للحالة الصحية للزعيم الراحل يمثل مفخرةً، مما يبعد الشك الذي ساد إلى حينٍ من الوقت وتركز حول قناعة البعض من أن أطرافاً جزائرية ساهمت في اغتياله، إن لم يمكن بشكلٍ مباشر فبطريقةٍ غير مباشرة، من ذلك عدم الاهتمام بصحته.

المتهمون الثلاثة
الرؤية السابقة لمرض بومدين وبراءة المسؤولين في الدولة، بل وخوفهم على حياة بومدين، لا ينفي أقوالاً أخرى رُوِّجت، قد تكون صحيحةً في مجملها وإن كانت غير ذلك في التفصيلات، من هذه الأقوال:
- اضطر مسؤولون مؤثرون في صناعة القرار، وهم ثلاثة، بعد أن دخل بومدين في غيبوبة طويلة وصار ميئوساً من شفائه إلى اتخاذ موقفٍ جريءٍ ربما لم يكونوا هم أنفسهم راضين عنه، وهو نزع الأنابيب التي كانت تمد بومدين باستمرارية البقاء على قيد الحياة.
إن صحت هذه الأقوال فإننا نجد أنفسنا اليوم أمام السؤال التالي: ماذا يفعل المسؤول أو الراعي إذا كان من مصلحة الدولة التعجيل بوفاة قائدٍ ما؟... لا شك أن للمسألة بعداً دينياً وهي متروكة لذوي الاختصاص، هذا إذا سلمنا أن الأمر في حالة بومدين مقصودٌ به إنقاذ الدولة وليس التعجيل بالاستيلاء على الحكم.
لا تزال لحظة نزع الأنابيب مؤثرةً إلى أبعد حد ولدرجة البكاء لأولئك الذين عاشوا اللحظات الأخيرة لوفاة بومدين، وعليّ أن أؤكد هنا أنّي لست طرفاً في هذا الموضوع لأن راوي القصة شخص واحد، ولم يتسنَّ لي أن أقابل المعنيين بالأمر أو حتى أطرح عليهم الموضوع لسببين رئيسيين: الأول: أنني تعهدت للشاهد بأن لا أذكر أسماءهم حسب طلبه، والثاني: خوفاً عليه وأيضاً خوفاً على علاقة السلطة ونمطها في الدولة الجزائرية من أن نعود مرة أخرى لفتح ملفات باتت بحكم الواقع ماضٍ، والناس اليوم في بلادنا يهمهم الحاضر كما أنهم يرفضون أن يظلوا تحت رحمة ذكريات الماضي.
المهم أن السلطات الجزائرية وفي أعلى المستويات اهتمت بمرض بومدين لدرجة تبعد عنها أي اتهامٍ بالتراخي أو التخاذل، ومع ذلك فإنها لم تستطع أن تكون بعيدة عن الصدام بين الغرب والشرق في مجال الطب.

شهادة »يافاجيني«
وإذا كانت »بروسترويكا« الرئيس الروسي السابق »ميخائيل جورباتشوف« قد أثرت سلباً على بلاده، فإنها من ناحيةٍ أخرى كشفت عن أسرارٍ تعلقت بالعلاقات الدولية، ما كان لنا أن نعرفها لولا السقوط المروّع لتلك الإمبراطورية، مما ساعد على معرفة كثير من الأسرار ومن بينها تلك المتعلقة بصحة الرؤساء والقادة، وهو ما يظهر جلياً في كتاب »شازوف يافاجيني« كبير أطباء الكريملن والذي نشره تحت عنوان »السلطة والصحة«... يهمّنا هنا الجزء الخاص بمرض الرئيس هواري بومدين، والذي نُشِر في صحيفة »الأنباء« الكويتية بتاريخ 25 نوفمبر 1992، وقامت بترجمته الدكتورة »إيمان يحيى«.
فقد ذهبت الصحيفة »الأنباء« الكويتية، للقول إلى أن ما ذكره البروفيسور يافاجيني يعد إحدى مفاجآته، ورأت أن ما تضمنه الكتاب عن وفاة بومدين فتح الباب واسعاً للملابسات السياسية التي أطاحت بالزعيم الجزائري من تاريخ بلاده والمنطقة العربية، ويضع أمام الجميع مسؤولية فتح ملفات موت ومرض الرئيس الجزائري من جديد.
بعد هذا التعليق تترك الصحيفة شازوف يتحدث عبر مقاطع ترجمتها من كتابه حيث يقول: »واجه الإدارة الرابعة التابعة لوزارة الصحة السوفياتية على الصعيد الداخلي إحباط، سعت دوائر معينة في الشرق والغرب للاستفادة منه لتحقيق أهدافها السياسية... ولقد سادت في الأحداث غُربةٌ، رغم أنني خبرت خلال عملي كافة النوازع الأنانية والشريرة للزعماء السياسيين ومراعاة المصالح القومية بين الدول المتنازعة، وكانت قمة ما حدث لمرحلة علاج الرئيس الأسبق هواري بومدين واحدة من هذه الإحباطات والأحداث الغريبة التي تكشف عن اللاّأخلاقية التي تنطوي عليها الصراعات السياسية أحياناً«.
وأضاف شازوف: »كانت قمة المأساة في محاولة استغلال مرض واحتضار زعيمٍ عربيٍ كبير من أجل غاياتٍ سياسية خسيسة، ولزعزعة الثقة بيننا وبين الجزائر وبث الكراهية من خلال التشكيك في الطب الروسي«.
السؤال هنا ما هي اللاّأخلاقية التي يتحدث عنها الطبيب شازوف وكيف استغل مرض بومدين من طرف الغرب، وهل فعلاً زعزع مرضه الثقة بين السوفيات والجزائريين، وهل الصراع بين الشرق والغرب يشمل كل المجالات بما في ذلك الإنسانية والتي منها المرض والعلاج؟.

»كوسيجين« وغيوم سبتمبر
قد نجد إجابات الأسئلة السابقة، أو بعضاً منها، في أقوال وشهادات البروفيسور شازوف، الذي يواصل حديثه قائلاً:
»تبدأ القصة أيام شهر سبتمبر الملبّد بالغيوم عام 1978... اتصل بي »أليكسي كوسيجين« رئيس الوزراء السوفياتي آنذاك، وقال بينما جاء صوته مضطرباً عبر الهاتف:
- لقد وصلتني للتو برقية من الجزائر تخبرنا بأن الرئيس »هواري بومدين« قد استقلّ الطائرة صباح اليوم متجهاً إلى موسكو للعلاج.
توقف لحظةً كوسيجين وأضاف وفي نبرة صوته الدهشة:
- الغريب أن هذا الطلب جاء مفاجئاً، إذ لم تطلب الجزائر من قبل تنظيم رحلة علاجٍ لبومدين.
ثم سألني كوسيجين:
- ربما تعرف شيئاً عن هذا الموضوع...
أجبته: إنني مثله تماماً أسمع بالنبأ للمرة الأولى.
ثم يضيف شازوف قائلاً:
- أتذكر أن كوسيجين أضاف قائلاً في المكالمة الهاتفية ذاتها: يبدو أن شيئاً غير طبيعي حدث!
وأشار إلى أنه من غير المستبعد أن يكون بومدين مريضاً وأن المسؤولين في الجزائر يحاولون إخفاء طبيعة مرض زعيمهم كما يحدث في البلاد العربية عادة، وأن دبلوماسيين في الجزائر لم يتابعوا الموقف جيداً ليعرفوا ماذا حدث.
انتهت مكالمة كوسيجين بتكليف شازوف باستقبال بومدين لدى هبوطه في المطار ونقله للعلاج فوراً، واقترح أن يقيم بومدين في مستشفى شارع »ميننستورنسكي« في موسكو، حيث القليل من المرضى مما يمكن السوفيات من الحفاظ على سرية رحلة الرئيس الجزائري وإخفاء شخصيته.
يضيف شازوف: لسوء حظ الأطباء الروس بدا وكأن الرئيس بومدين ذهب إلى الاتحاد السوفياتي في صحة طيبة أو على أسوإ تقدير مصاب بمرض ضعيف، وبعد شهرين عاد إلى بلاده في حالةٍ خطيرة تصحبه مجموعة من الأطباء السوفيات، غير أن الذين روّجوا لهذا التصور لم يسألوا أنفسهم لماذا اضطر بومدين لقطع آلاف الأميال بطائرة للعلاج في الاتحاد السوفياتي؟ وهل كانت تلك الرحلة المضنية لمجرد الاستشفاء من مرضٍ بسيط كالزكام مثلا؟ً... ألم يكن باستطاعة الرجل حينئذ أن يستريح في منزله بضعة أيام؟!
يواصل شازوف: بعد إجراء الفحوص الأولية لم يعد لدينا أي شك في أن الرئيس الجزائري يعاني من مرضٍ شديد، قد يكون ذا طبيعية فيروسية، وتمثلت مضاعفات المرض في التهاب وتسمم الكبد.
بدا للوهلة الأولى وكأن المرض يتراجع نتيجةً للعلاج، كما بدأت أمراض وعلامات التهاب الكبد في الاختفاء، ولكن قلقنا استمر لأن جسد الرئيس الجزائري لم يتخلص بعد من هزاله ودرجة حرارته تعاود تسجيل ارتفاعٍ خفيف، وكرات الدم البيضاء تتزايد هي الأخرى وإن كان ذلك ليس تزايداً شديد الارتفاع، كما لاحظنا تغيرات مختلطة باختلال جهاز المناعة، وظهر ذلك الاختلال بصورة واضحة على مادة الجلوبيولين الطرفية.

السوفيات ورهبة الموت
لنتوقف قليلاً هنا أمام ما قاله البروفيسور شازوف، حيث بدت حالة بومدين آخذة في التدهور بعد أن بدأ علاجه في موسكو، وقد أرجع الأطباء ذلك إلى اختلال في جهاز المناعة، وهذ الاختلال هو الذي يرجح اغتياله بالسم كما سنرى لاحقاً، لذا من الضروري أن نتساءل هنا: لماذا يريد الأطباء السوفيات التأكيد على أن بومدين كان في حالةٍ خطيرة حين وصل إلى العلاج لدرجة أن السلطات الجزائرية أبلغتهم حضوره دون انتظار الرد؟
يبدو أنهم إلى الآن يشعرون بالذنب تجاه بومدين حين عجزوا عن إنقاذه، مع أن الأمر يتجاوزهم، وأيضاً لشعورهم بعقدة نقصٍ أمام الطب الغربي، مع أن الأطباء الغربيين حضروا للجزائر ولم يستطيعوا فعل أي شيء.
الإحساس السابق نجده واضحاً في ما كتبه كبير أطباء الكريملن حول علاج بومدين بقوله:
»لقد شارك في التوصل إلى تشخيص حالة بومدين ووضع نظام العلاج لها أفضل الأطباء السوفيات، وجرت جميع المداولات والمشاورات في حضور الزملاء من الأطباء الجزائريين، كما كانت زوجة الرئيس الجزائري تتابع الموقف أولاً بأول، حيث وصلت معه على الطائرة ذاتها... وأتذكر كذلك أننا لجأنا إلى طريقةٍ حديثةٍ للعلاج تدعى »بلازما فورسيس« كسلاح لمواجهة تراكم المواد الضارة في الدم بعد أن تجادلنا وتشاورنا باستفاضة، ولكن شبح رحيل بومدين في أي لحظةٍ بسبب نزيف المخ أو احتشاء القلب أو تغيراتٍ خطيرة تصيب الرئتين كان ماثلاً أمامنا بقوة.
واضح من شهادة كبير أطباء الكريملن أن القيادة السوفياتية لم تكن تنظر إلى علاج بومدين من ناحيةٍ إنسانيةٍ فقط لجهة نجاحها أو فشلها، وإنما ربطتها بعلاقتها المتميزة مع الجزائر، لذلك فضلت أن يتم إكمال علاج بومدين في بلاده لدرجة جعلت شازوف يحذر قيادة بلاده من وفاة بومدين في موسكو، وقد أيده »أليكسي كوسيجين« بالرد السريع حين قال:
»من الأفضل الاستمرار بالعلاج في الجزائر، ويمكننا أن نبعث بأفضل الأطباء والعقاقير والأجهزة اللازمة إلى هناك، لأن رحيل بومدين وهو فوق أراضي الاتحاد السوفياتي من شأنه أن يحدث ردود فعل سلبية في الجزائر والعالم العربي، وقد يضيف المزيد إلى أوضاعٍ غايةً في التعقيد بين موسكو والدول العربية«.

شجاعة »بومدين« ورغبة »أنيسة«
واضح أن القيادة السوفياتية كانت في حيرةٍ من أمرها وتساءلت كيف لي أن أطلب من بومدين العودة إلى بلاده لإتمام العلاج، وما هو مستقبل العلاقة بيننا وبين الجزائر في حالة وفاته في أي لحظة، وأنقذها بومدين مما هي فيه وذلك حين تصرف وكأنه في كامل صحته، إذ قبل أن يبادر السوفيات إلى هذا الطلب سارع هو إليه، حيث يقول شازوف:
... لحسن الحظ كانت وجهة نظر الرئيس بومدين نفسه مطابقة لرأي الزعامة السوفياتية، فقد أدرك أن غيابه عن وطنه وتزايد الأقاويل حول مرضه العضال داخل الجزائر قد يؤدي لعواقب غير مأمونةٍ... كما أن زوجته أنيسة شجعت قراره بالعودة إلى الجزائر، واشترط بومدين علينا قبل العودة أن يصحبه فريق من الأخصائيين السوفيات، وأن يبقى الفريق في الجزائر لمواصلة العلاج وهو ما وافقنا عليه.
شهادة شازوف السابقة تطرح العديد من التساؤلات لعل أهمها:
- لماذا شجعت زوجته أنيسة قرار العودة؟ وهل باتت ومعها الدولة الجزائرية تشكان في العلاج الروسي؟
- وإذا كان الأمر كذلك فهل نسيت أنيسة أن بومدين هو الذي فضل العلاج في الاتحاد السوفياتي؟
- هل أن بومدين حين طالب بالعودة أحسّ بقرب أجله ففضل أن يموت في بلاده؟
- هل اشتراطه مرافقة الأطباء الروس وبقائهم يكشف عن قناعته بقدرتهم؟
بغض النظر عن الإجابات فإن الواضح أن الدولة الجزائرية لاحظت تدهور صحة الزعيم، فحاولت إنقاذه مهما كانت التكلفة، وهذا يتطلب اتساع الحركة وسرعتها أيضاً.
وتوضح لنا مقاومة بومدين للمرض اتخاذه للقرارات الصائبة حتى في لحظات الألم، فقد مهد لاتخاذ قرار العودة بإصراره، إبعاداً لدولته عن الحرج وإنقاذاً للاتحاد السوفياتي من الخوف الذي انتاب قادته، لذلك تأثر به الروس عند مغادرته لبلادهم، حتى أن شازوف يقول عن تلك اللحظات المؤلمة:
... لن أنسى لحظات وداع بومدين لدى إقلاع طائرته من الاتحاد السوفياتي، كان لتلك اللحظات تأثير خاص في نفسي... كنت على استعداد لعمل كل شيء وأي شيء لأجل هذا الرجل، الذي جمعتني به أواصر صداقة وتعاطف مع آلامه تمت بقوة أثناء العلاج، إلا أنني في الوقت نفسه كنت على وعيٍ بعجز الطب أمام حالته الخطيرة، وكان بومدين كذلك متعكر المزاج في تلك اللحظات... لحظات وداعه للاتحاد السوفياتي«.
المهم أن بومدين عاد إلى الجزائر في صحبة مجموعة من كبار أساتذة الطب السوفيات، وبعدها بأيامٍ قليلة وصلت من سفارة الاتحاد السوفياتي بالجزائر إلى موسكو أنباء مقلقة على الروح العدائية التي تحيط بالأطباء السوفيات قد تصل إلى حد تهديد حياتهم، الأمر الذي لم تؤكده أية وثائق جزائرية، كما أبلغ السوفيات بأن الوضع الصحي لبومدين ازداد حرجاً مع ظهور أعراض اختلال الدورة الدموية في المخ، التي بدأت عقب عودته إلى الجزائر، الأمر الذي دفع بالجزائر لاستدعاء الأطباء من كل مكان، وهنا دخل الطب الغربي في تنافسٍ واضح مع الطب السوفياتي.

للأمريكيين حضورٌ ونصيب
بقدوم الأطباء من كل حدبٍ وصوب أصبح الموقف محرجا وصعبا للأطباء السوفيات، خصوصاً بعد أن حاول ممثلو الطب الغربي وبالذات الفرنسيون أن يسفّهوا التشخيص الذي توصل إليه الأطباء السوفيات.
وكان للأطباء الأمريكيين حضورٌ واسعٌ، ففي 21 نوفمبر وصل إلى الجزائر خمسة أطباء عسكريين أمريكيين تابعين للحلف الأطلسي، ويقيمون في ألمانيا الغربية ومعهم أجهزة إنعاشٍ جديدة.
في اليوم التالي حمل أربعة اختصاصيين من مستشفى »ماسومتوميتش« في بوسطن أجهزة أخرى للإنعاش معهم إلى الجزائر، وأتبع هؤلاء بعد ذلك بعشرة اختصاصيين أمريكيين آخرين.
بعد أيامٍ قليلة لحق بهؤلاء اختصاصيان شهيران من تونس وآخر من لبنان، ثم لحق بهم أربعة أطباء إنعاش بريطانيين وأربعة اختصاصيين يوغوسلاف وسويديان وخمسة يابانيين وألمانيين وثمانية اختصاصيين صينيين.
وأرسلت ألمانيا الغربية جهاز كاميرا تعمل بأشعة جاما فضلاً عن سكانير، وذهبت الولايات المتحدة الأمريكية إلى أبعد حد عندما أرسلت طائرة شحن عسكرية عملاقة تحمل مختبراً نقالاً مزوداً بجهاز سكانير للمخ شديد التطور.
ولم يكن هذا العدد من الأطباء مفيداً لبومدين لطبيعة الصراع الذي وقعت بين الأطباء الغربيين والأطباء الروس، حتى أن »سورا«، الطبيب الروسي الشهير الذي كان ضمن الفريق الطبي ذهب إلى القول:
» "كانت المناقشات في الكونسلتو حامية الوطيس، لكن أحداً من الأطباء لم يقترح أية إضافة جديدة لنظام العلاج الذي كنا قد وضعناه في موسكو«.
بعد مداولات ومتابعة ومراقبة انتهى ذلك العدد الهائل من الأطباء الذي كان ضمنه رجل متقدم في السن من دولة السويد هو الطبيب الشهير »والدنستروم«، الذي سمي المرض باسمه في حالاتٍ سابقة، ولم يكن معه إلا مرافق واحد وخبرته السابقة، الذي استطاع اكتشاف المرض، وكانت النتيجة معروفة مسبقا حين يدخل المريض مرحلته الأخيرة، وكان بومدين قد دخلها بالفعل.
لقد وضع تفسير الطبيب السويدي حداً لجميع التفسيرات والتأويلات التي تضاربت بين الفرق الطبية، فكيف تم له ذلك؟ وأين كان بوتفليقة في هذا الوقت؟ وما قصة رسالة ديستان لبومدين ورسالة بومدين للملك الحسن الثاني؟... نتابع ذلك في الحلقة المقبلة.


في الحلقة المقبلة:
اغتيال بومدين... الشهادات والوقائع (4-3)
يوم أن كان »بوتفليقة« وزيراً و»ديستان« رئيساً و»الحسن الثاني« ملكاً
تصريحات بوتفليقة في زمن المرض.
بومدين وديستان: الرسالة واللغز.
رسالة بومدين الأخيرة للحسن الثاني
Last edited by l@M-!no28 on Wed 23 Jul 2008 21:46, edited 1 time in total.
Image
User avatar
l@M-!no28
Graphiste
Graphiste
 
Posts: 1751
Joined: Sat 15 Dec 2007 16:19
Location: MISSONIER win kayen l'ek3ab ( Mouloukhiya ) [HACHAKOUM]
Top

Re: القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby l@M-!no28 on Wed 23 Jul 2008 21:43

3 القصة الكاملة لوفاة بومدي الجزء


يوم أن كان بوتفليقة وزيراً و«ديستان» رئيساً و«الحسن الثاني» ملكاً





MESSAGE CACHE:
حول التفسير الذي قدمه الطبيب السويدي و«الدنستروم» بناءً على تشخيصه الذي جاء بعد ساعاتٍ قليلة من قراءته حصيلة التقارير ومشاهدة الصور وفحص المريض بيديه، وبناءً عليه تقرر تقليص ساعات غسل الكلى يومياً لبضع ساعات فقط، وظهر كأن أيام العلاج في موسكو لم تنفع الرئيس بومدين في شيء.

* تصريحات بوتفليقة في زمن المرض.
* بومدين وديستان: الرسالة واللغز.
* رسالة بومدين الأخيرة للحسن الثاني.

في 23 نوفمبر1978 بدا أن بومدين خرج من حالة الغيبوبة، لكنه بعد خمسة أيام غاب عن الوعي ثانية، فقرر البروفيسور السويدي أن بومدين قد دخل المرحلة الأخيرة من مرض »والدنستروم« الذي كان يحمل اسمه، وأن الموت قادم لا محالة رغم أن المريض يمكنه أن يعيش بعض الوقت إذا نجح في تجاوز الأزمة الجديدة، وأنه لا جدوى من إجراء عملية جراحية لتفتيت الانسداد الذي ضرب أحد أوردة الدماغ لأن هذه العملية ستؤدي للوفاة.
... على طريق «فرانكو» و«تيتو»
وفي أول ديسمبر 1978 أظهر الفحص بجهاز السكانر وجود حالة تخثرٍ ثانية في دم المخ، ودخل بومدين في حالة غيبوبةٍ عميقة بينما كان 62 اختصاصياً من أنحاء العالم يراقبون جسمه المرتخي، وقلبه الذي كان مايزال يعمل، بينما لم تكن الأعضاء تعمل إلا بواسطة الأجهزة الحديثة المستخدمة، وبدأت كهرباء المخ تضعف، وواصل الأطباء عملهم رغم قناعتهم بعدم جدوى ما يفعلون.
وفي 18 ديسمبر 1978 تفاقمت حالة بومدين على إثر نزيفٍ داخليّ مفاجيء، وبعد ستة أيام اختفت كل مظاهر الحياة عن الرئيس بومدين، بما في ذلك كهرباء المخ التي أخذت شكل خط مستقيم متواصل في الرسم البياني للجهاز الذي يقيس تلك الحركة.
وحسب المصادر الطبية ـ الغربية على وجه الخصوص ـ أن بومدين لم يستعد وعيه منذ أول ديسمبر وبقي على تلك الحالة 27 يوماً، ولم يكن جسمه يعمل فيها إلا بفضل الأجهزة المتطورة، فيما كانت البيانات الصادرة عن السلطات الرسمية تقول إن حالة الرئيس »مستقرة«.
ويرى الكتاب الغربيون أن الجزائر لم تأتِ بسابقةٍ على صعيد إطالة فترة حياة الرئيس بومدين، فإسبانيا فعلت نفس الشيء مع الجنرال »فرانكو« واحتضاره الطويل سنة 1975 ويوغسلافيا أبقت الماريشال »تيتو« في حالة الإنعاش لأسابيع عديدة، واستخدم السوفيات نفس الأسلوب مع »أندريوف« و»شيونينكو«، كما جاء في كتاب »هؤلاء المرضى الذين يحكموننا«.
بوتفليقة... ومؤامرة »ملاّح«
نتوقف هنا لنبحث الشق السياسي والعلاقات الدولية أثناء مرض بومدين، ثم نعود في الحلقة الأخيرة إلى كيفية تعرضه للسم والأطراف المستفيدة من ذلك، ونتساءل الآن أين كان »عبد العزيز بوتفليقة« في هذه اللحظات؟
أول ما يصادفنا الحديث عن عبد العزيز بوتفليقة ـ وزير الخارجية في ذلك العهد ـ في مجلة »روز اليوسف« المصرية العدد 3329 ، وذلك حين قرر الوفد الجزائري تخفيض مدة زيارته إلى سوريا بعد أن اشتد الألم على الرئيس بومدين في دمشق، فقد استدعى بوتفليقة فجأة وقال له: »لنعد الليلة إلى الجزائر... أريد أن أموت في فراشي«.
وتذكر المصادر أن بومدين جلس في الطائرة أثناء رحلة العودة، وقد بدا عليه الإجهاد، وغارت عيناه، وعلت مسحة من الانقباض على وجهه، وضاعت منه ملامح الشباب، ولم تنفع المحاولات المستمرة التي بذلها فريق الوفد خصوصاً عبد العزيز بوتفليقة أثناء الرحلة من سوريا إلى الجزائر، وفي نهايتها أشار الرئيس إلى مساعده فأسرع إليه بوتفليقة قائلاً:
»إن شاء الله لا بأس يا سي يومدين«.
ذلك هو الوصف الأول الذي بدت فيه مشاركة الوزير بوتفليقة رئيسه المريض، أتبعت بأخرى جاءت في نوفمبر 1978 ، كشف فيها الوزير بوتفليقة عن الوضع السياسي من الداخل، حيث صرح لصحيفة »الرأي العام« الكويتية أنه تم إلقاء القبض على الرائد »عمار بن ملاح« الذي دبّر محاولة اغتيال الرئيس هواري بومدين، وعن ذلك التصريح نقلت مختلف وكالات الأنباء والصحف ومنها الصحف المصرية التي نقلنا عنها الخبر السابق، نتيجة لذلك يمكن لنا طرح عدة استفهامات أهمها: ما الرسالة التي تقصد السلطات الجزائرية تمريرها للرأي العام الوطني والعالمي، وهل لمحاولة الاغتيال تلك علاقة بما أوردته الوكالات في بداية مرض بومدين؟ ولماذا تم إخفاء المرض لمدة تجاوزت الأربعين يوماً؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي نجبر على العودة إليها كلما تأملنا مأساة بومدين في أيام مرضه وتحطيم إنجازاته بعدها.
إن عدم وجود تفصيلات بخصوص نشاط القيادات الجزائرية في ذلك الوقت وخصوصاً وزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة باعتباره من المقربين للرئيس بومدين، يدفعنا اليوم إلى المطالبة بإجاباتٍ مقنعة عن الأسئلة السابقة، والحسم بشكلٍ نهائي في قضية اغتيال الرئيس من عدمه، أي أننا في حاجة إلى معرفة خلفية هذا الموضوع وتفصيلاته من الرئيس بوتفليقة اليوم وغلقه بشكلٍ نهائي، إذ لا يعقل أن تظل شهادات البعيدين عن صناعة القرار في الجزائر محركة للأفعال وردودها على الساحة الوطنية.

الرسالة اللغز
من ناحيةٍ أخرى علينا العودة إلى ما جاء في وكالات الأنباء من حديثٍ عن رسالة بعث بها الرئيس بومدين إلى الرئيس الفرنسي »فاليري جيسكار دستان« وهو يعبر الأجواء الفرنسية، وقد أثارت الرسالة وقتها استغراباً ودهشةً لدى المراقبين، ويعود ذلك لكون فرنسا تتابع بحذرٍ تنامي دور الجزائر، حيث كان الرئيس الفرنسي ديستان يرى أمامه مستعمرة الأمس قد أصبحت دولةً مهابة الجانب، وفي ذلك الوقت كان البترول هو أقوى ورقة في يد العرب، لذلك دعا ديستان إلى عقد مؤتمر دولي للطاقة، لكن جزائر بومدين عارضت الفكرة واقترحت أن يكون الموضوع بنداً في مناقشات ندوة تعقدها الأمم المتحدة وتشمل النظام الاقتصادي العالمي.
وحسب الصحفية المصرية »فايزة سعد«، فإن الجزائر كانت في ذلك الوقت ترفع درجة التحدي إلى أعلى مستوى، إذ لم تكن كلمة الاقتصاد العالمي التي طرحتها قد طُرِحَت من قبل، وكان معنى الكلمة بوضوح أنها تتمرد على الكبار، وفعلاً أصيب ديستان بخيبة أمل من موقف الجزائر.
إذاً كيف لبومدين أن يبعث برسالة إلى ديستان وهو مريض، علماً بأنه لم يفعل ذلك من قبل منذ مجيئه للسلطة ولو بالإشارة، هنا تُطرح أسئلة من مثل: من بعث بها؟ ومن صاحب الفكرة أساساً؟ وما أهدافها في زمانها وفي المستقبل آنذاك، الذي أصبح ماضياً الآن؟
للعلم، لم أتمكن من الاطلاع على نص الرسالة لأسباب كثيرة، ليس هنا مجال ذكرها، ولكن الذي أعرفه من قراءاتي أن الأوساط الفرنسية المسؤولة آنذاك لم تدلِ بأي تعليق على تلك الرسالة المشبوهة، غير أن المراقبين السياسيين أبدوا عدة ملاحظات حول الرسالة آنذاك، أهمها:
- تشكل الرسالة لفتة دبلوماسية من جانب الرئيس بومدين بعد احتجابٍ دام عدة أسابيع في الاتحاد السوفياتي، ويمكن أن تفسر على أن الزعيم الجزائري انتهز الفرصة غير العادية للطيران فوق الأراضي الفرنسية للإعراب عن رغبته في التقرب لفرنسا.
- وصفت لهجة البرقية بأنها حارة، خاصةً عندما أكد استعداد الجزائر الكامل لتنقية أجواء العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية، ورغبة مسؤوليها في إجراء حوار معها، وبدء صفحة جديدة من التاريخ مثل ماضي زعماء حوض غربي بحر المتوسط.
- أحدثت الفقرة الخاصة بقضية الصحراء الغربية عدة تساؤلات لدى المراقبين.
- من جهتها، علقت الصحف الفرنسية على تلك الرسالة المزعومة بقولها: أنها تتسم، ولأول مرةٍ، بلهجةٍ معتدلة وتدعو لصفحةٍ جديدة من التعاون مع فرنسا.
- وبخصوص الرسالة دائماً فقد قالت صحيفة »لوماتان« الفرنسية إن الخبراء الفرنسيين عاكفون على دراسة نص هذه الرسالة التي صيغت بأسلوبٍ جديد لم يسبق للجزائر أن استخدمته في الدعوة لتجديد التعاون مع فرنسا.
- وأضافت لو ماتان: أن الخبراء يدرسون كل كلمة في الرسالة »الوثيقة« التي يتفق الجميع على أن كاتبها ليس هواري بومدين ولكنه عبد العزيز بوتفليقة ـ وزير الخارجية آنذاك ـ وبناءً على ذلك يتساءل البعض، كما تقول الصحيفة، عما إذا كان ذلك دليلاً على أن هواري بومدين الذي ألمّ به المرض لم يعد ممسكاً بزمام المبادرة السياسية، كما جاء في جريدة الأهرام المصرية عدد 16 نوفمبر 1978.
إن اتفاق الخبراء الفرنسيين على أن الرسالة لم يكتبها بومدين كما أنه ليس هناك جزم قاطع بأنها كتبت من طرف عبد العزيز بوتفليقة، فإن ذلك يجعلنا ننتظر إجابة السؤال التالي: من كتبها إذاً؟ وتبعاً لذلك يضاف سؤال آخر: هل حين كتبت كان بومدين ميتاً أم حياً؟.
رسالة الزعيم للملك
بالمقابل، فإن هناك رسالة بعثها بومدين قبل وفاته إلى الملك الحسن الثاني وهي آخر رسالة بعث بها رداً على رسالة الملك، ننقلها بنصها الحرفي كما وردت في مجلة »الصياد« اللبنانية التي نشرتها بتاريخ 15/12/1978 ، علماً بأنها أرسلت ـ حسب المجلة السابقة ـ بتاريخ 21 أكتوبر 1978، وهي رسالة مثيرة للدهشة لجهة ما جاء فيها، ومع أنها طويلة وسبق أن نشرتها ضمن فصلٍ في كتابي »اغتيال بومدين: الوهم والحقيقة«، إلا أنني أعيد نشرها هنا لتعميم الفائدة، وللتذكير بعلاقاتنا مع المغرب في عهد الزعيمين: الرئيس بومدين والملك الحسن الثاني، ونصها كما يلي:
»... صاحب الجلالة:
تسمحون لي يقيناً بأن أرثي هنا للدبوماسية العلنية التي تبدو وكأنها اليوم قد طغت على الدبلوماسية التقليدية، وها أنا ذا أجد نفسي مضطراً للجوء إليها بدوري، ولقد كنت أود كذلك تماماً كما تمنيتموه أن أستأنف الاتصال بكم، وما من شكّ في أن الحوار المباشر كان من الممكن أن يكون أفضل، ولكن هل يمكن تصور مثل هذا الحوار بعد المواقف التي اتخذها كل منّا مؤخراً بشأن القضية الفلسطينية وامتداداتها على الشرق الأوسط والأمة العربية؟
ومع ذلك فباستطاعتي أن أؤكد لكم منذ الآن أن الجزائر لن تتأخر أمام أي مجهود لتقديم مساهمتها المتواضعة في البحث عن سلام عادل بين المتحاربين في النزاع الدائر حاليا بالصحراء الغربية.
معاهدة »إيفران«
ومرةً أخرى ألاحظ، للأسف، من خلال رسالتكم أن التأكيدات تتسم بالقطيعة وأن الاتهامات الموجهة للجزائر أخطر منها، وكنت أشعر بوقع المفاجأة لولا أثر التعود ولولا الحصانة التي يوفرها هذا التعود، على أني أود أن لا أسمح لنفسي بالاعتقاد في كون الانتهاكات المتكررة المزعومة للحدود المغربية من قبل الجيش الوطني الشعبي ليس لها من غاية سوى تبرير عدوان مبيّت على بلدي.
ومهما يكن فإن مسعىً كهذا لن يكون صادراً إلا عن تصميمٍ واضحٍ على تضليل الرأي العام المغربي والأفريقي والدولي عن طبيعة الصراع الذي يحزن منطقتنا، ومع ذلك فقد استطاعت جلالتكم وأنا بالذات أن نرتفع بسياسة بلدينا طيلة سنوات عشر إلى مستوى التطلعات الطبيعية لشعبينا، اللذين تربطهما ـ كما تعلمون ـ روابط أقوى من التطلبات الحتمية التي يقتضيها مجرى الحوار وفي تلك الفترة عرفت منطقتنا عهدا من الازدهار، كما استطعنا رغم المحن والشدائد المحلية والعربية أن نعمل معاً يداً في يد وأن نسهم مساهمة حقيقة في تحرير شعوب قارتنا والعالم العربي وفي ترقية العالم الثالث على المسرح الدولي.
ولقد كانت مثل هذه السياسة تستمد إلهامها الأول من متطلبات الأخوة وحسن الجوار والتعاون التي تكرسها معاهدة »إيفران«، تلك المعاهدة التي نود أن نؤكد هنا تمسكنا بها، وهذه المتطلبات الثلاثة تركز أساساً على السلام، الذي ما من شك أنه يشكل في نظر جلالتكم ونظرنا جزءاً لا يتجزأ من عدالة الشعوب وحريتها.

كبوات الطريق وعثرات التاريخ
ثم جاءت اتفاقية 1972 التي أشهدت أفريقيا والعالم على التوقيع عليها لتساعدنا بالذات على التسامي بصورة نهائية على ما تواضعنا باتفاق مشترك على تسميته حيناً »بكبوات الطريق« وأحياناً أخرى بـ»عثرات التاريخ«، وحتى نؤكد إيماننا نحن بالتصديق على اتفاقات الرباط بشقيها المتمثلين في ترسيم التعاون ورسم الحدود بين الجزائر والمغرب.
ولا نزاع في أن صفحة من هذا التاريخ قد كتبت بهذا الاتفاق، مكرسين بذلك حرمة الحدود الموروثة لدى استرجاع استقلالنا، ومجنّبين شعبينا سواء لهذا الجيل أو ما يعقبه من أجيال شر ما يمكن أن يحدث من حالات سوء التفاهم أو التوترات، بل والمآسي الممكن حدوثها على الدوام والتي لا يمكن أن نقدر عواقبها الوخيمة، فمن وراء المودة الصادقة التي صنعتها رفقة في الكفاح وأخوة في السلاح كانت العلاقات القائمة بين شعبينا والروابط الشخصية مع جلالتكم، تزيدها قوة ومتانة تلك الثقة المتبادلة كذلك، والصدق الذي لا تشوبه شائبة والصراحة التي لا تخالطها مجاملة، بل وكل شيءٍ يستبعد إلا الالتباس والرياء والمداهنة.
إن مسعانا رغم كل ما قيل وكتب لا يتسم بولاء مطلق روحا ونصا بمعاهدة »إيفران« واتفاقيات سنة 1972 ، وفي الوقت ذاته لمبدإ تقرير الشعب الصحراوي لمصيره، ذلك المبدأ الذي ما برحت الجزائر بالتشاور مع المغرب وموريتانيا، تدافع عنه سواء على صعيد الهيئات الإقليمية أم في المحافل الدولية، وهذه السياسة المتصلة بعبقرية شعبنا وتاريخه لا يمكن أن نتنكر لها مهما كان الثمن.
وحيث إن الأمر يتعلق بالتزامات رئيس دولة تجاه شعبه وبلده، فإن جلالتكم على علم بأن أحداثا ذات خطورة قصوى قد سبق أن شهدت بهدوئنا وتسامحنا في كل الظروف، وبعزيمتنا على ألا نألوا جهدا في سبيل تفادي ما لا تحمد عقباه، وتجنيب شعبينا وتاريخنا وأسرتنا الروحية ويلات فتنة مشحونة ـ لا محالة ـ بمخاطر وخيمة العواقب، ولقد حان الوقت لنكرر القول على مرأى ومسمع من العالم أنه ليس ثمة أي نزاع قائم بين الجزائر والمغرب، ومن واجب شعبينا ومن واجب العالم أن يعلموا ذلك.
سياسة المصالح والمبادئ
صحيح أنه ليس من السهل الميسور دائماً الاختيار بين سياسة قائمة على المصالح وسياسة قائمة على المبادئ، ولقد اختارت الجزائر من جهتها، وغالباً ما كان الشعب الجزائري لولاها أن يكون على ما هو عليه، وما يجب أن يكون عليه، لقد كان التزامنا إزاء تصفية الاستعمار التزاما واحداً في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ولا ننوي تغييره أبداً.
والذي وقع هو أنكم تتكلمون اليوم عن حوادث وقعت داخل حدودكم المرسومة سنة 1972 والتي اعترفنا بها، واعترفت بها أفريقيا والمجموعة الدولية، وإني لأؤكد لجلالتكم وأنا على بصيرة من الأمر باسم الروابط التي لا تنفصم عراها والتي ستقوم دائما بين شعبينا أنه لم يتخطَ أي جندي جزائري أبدا حدودكم الوطنية وبالذات تلك الحدود التي رسمناها معاً سنة 1972.
وقد سبق لي قبل بضعة أشهر فقط أن صرحت رسميا وعلانية أمام مجلس الشعب الوطني أن القوات الجزائرية لن تتدخل بأي حال من الأحوال إلى ما وراء حدودنا، وأنها وهي الحارسة اليقظة لسيادتنا الوطنية ولوحدة ترابنا ستحرص على صد كل هجوم يشن على بلدنا ومايزال خط سيرنا هذا دون تغيير.
ويبقى بطبيعة الحال نزاع الصحراء الغربية وامتدادات كفاح الشعب الصحراوي الذي ما برحنا نحن وغالبية المجموعة الدولية نؤمن بشرعيته، والذي ليست المساندة له سرا غامضا ولا سرا من أسرار الدولة، فثمة مشكلة سياسية لا يمكن أن تحل في نظرنا إلا بالطرق السياسية.
وإذا كنتم تدينون مثلنا إلحاق الأراضي بالقوة، وترفضون سياسة الأمر الواقع وتؤمنون بحق الشعوب كبيرها وصغيرها في الوجود، فلا يمكن إلا أن نكون في صفٍ واحد للسير بمنطلقنا ـ إذا ما كنت تلك إرادة الآخرين ـ وإرادة شعبينا الشقيقين على الأقل، في الطريق الوحيد الجدير بهما، طريق الوحدة ضمن احترام الاختلافات والمؤسسات والاختيارات، ومن المؤكد أن مهمة كهذه ليست مهمة ميسورة لكن هل هي فوق المجهود الصادق والمتضافر الذي يبذله رجال هم على رأس الجيل الذي صنع الاستقلال الوطني سواء في الجزائر أم في المغرب؟
أما أنا فبودي ألا أكف عن الإيمان بحكمتكم وأؤكد لكم مرة أخرى أمام الله وأمام التاريخ صدق إيماني الراسخ في بناء مغرب سيتم حتما عن طريق الحوار واحتكاك الافكار، لا عن طريق الاتهامات وقرع السلاح.
وأرجو من جلالتكم قبول فائق الاحترام والتقدير.
أخوكم: هواري بومدين«
الأمر لا ينتهي هنا، وسنتابع تفصيلات العلاقات الجزائرية المغربية من خلال رؤية الملك الحسن الثاني في الحلقة المقبلة.
في الحلقة المقبلة:
ذاكرة »الحسن الثاني« وشهادة »طلاس«... وذكريات كاتب
* أخبار الاغتيال بالسم بين دمشق والقاهرة والجزائر
* دور »عبدالله ركيبي« في البحث عن الحقيقة
* استنفار في بغداد وترحيب في الكويت



echourouk
Image
User avatar
l@M-!no28
Graphiste
Graphiste
 
Posts: 1751
Joined: Sat 15 Dec 2007 16:19
Location: MISSONIER win kayen l'ek3ab ( Mouloukhiya ) [HACHAKOUM]
Top

Re: القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby el fenane on Wed 23 Jul 2008 21:53

etkhass la 1ere partie...hehehehe
Le Retour du Grand Chabab est annonce pour 2008/2009...Inchallah!
User avatar
el fenane
Modérateur
Modérateur
 
Posts: 1549
Joined: Sat 15 Dec 2007 20:37
Top

Re: القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby belkam on Mon 28 Jul 2008 04:09

ekhtik melpolitique ya rajel ...anissa W MA3LABALHACH KIFACH MAT BOUMEDIEN ( matekrach les histoires des journeux khou ) ... ;)
boumedien allah yerrehmou ..pour moi je prefere tjibenna LA VRAI histoire de la mort de SARA ::zetla:: :!: :!: :?:
Image :mrgreen:
ma3andou mayekhser ..li 3amrou ma rbah
User avatar
belkam
Membre
Membre
 
Posts: 224
Joined: Sat 24 May 2008 22:51
Location: alger
Top

Re: القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby dinho on Mon 28 Jul 2008 16:00

c bn rah fiha belkam
ya kho merci bcp lamino mais la vérité ya3arfouha nass klal ya kho si u veu que je te raconte tume di par mp psk afaire poulitique :shock:
Malgré tous s'qu'on dit, regarde un peu comment on a fini......!!!!!
User avatar
dinho
Chababiste Fidel
Chababiste Fidel
 
Posts: 1246
Joined: Sat 15 Dec 2007 16:34
Location: boulvard 5.alger centre
Top

Re: القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby el fenane on Mon 28 Jul 2008 21:31

ou zide ghenileha ya sara...yakh ghir kima signite 3akd zawaje Belkam...awah...lazemlek el bombardi edawik!
Le Retour du Grand Chabab est annonce pour 2008/2009...Inchallah!
User avatar
el fenane
Modérateur
Modérateur
 
Posts: 1549
Joined: Sat 15 Dec 2007 20:37
Top

Re: القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby merouane on Tue 29 Jul 2008 01:18

pourquoi faut-il une qissa pour la mort d'un être humain comme tous les autres?
il est mort parceque el adjel ta3o lhak et puis c'est tout. mred o mat ça y est ....
Image
User avatar
merouane
VIP
VIP
 
Posts: 1212
Joined: Sat 29 Dec 2007 02:08
Location: montreal
Top

Re: القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby belkam on Tue 29 Jul 2008 17:07

je rigole berk lequipe ( jespere berk que ca restera entre nous ... sinon .. :!: )...
khouya merouane je suis d accord avec toi ( boumedien et un humain comme tt les autres.. c est normale )...MAIS C EST PAS UN HOMME COMME LES AUTRES ..cetait pas un president seulement c est un ZA3IM khou ALLAH YERREHMOU ... ( mayhemmnich kifach mat madam mat rajel et cha3b ta3ou yhebbou jusqua aujourdhui ... )
ma3andou mayekhser ..li 3amrou ma rbah
User avatar
belkam
Membre
Membre
 
Posts: 224
Joined: Sat 24 May 2008 22:51
Location: alger
Top

Re: القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby el fenane on Tue 29 Jul 2008 18:14

echa3b wela ehabo a cause de la racaille qui est venue apres...sinon il a commis des erreurs et pleins d'erreurs meme...wechno c'est un humain aussi...donc bano adam khata'oune!
Le Retour du Grand Chabab est annonce pour 2008/2009...Inchallah!
User avatar
el fenane
Modérateur
Modérateur
 
Posts: 1549
Joined: Sat 15 Dec 2007 20:37
Top

Re: القصة الكاملة لوفاة بومدي

New postby merouane on Tue 29 Jul 2008 22:39

si on est dans la merde aujourd'hui c'est à cause de lui :
1- prise du pouvoir par un coup d'état
2- pleins pouvoirs aux militaires (comme lui)
3- la sécurité militaire se chargeait de l'ordre civil (kidnapping, exécutions sommaires, écoutes, dénonciations, ...)
4- il a favorisé et encouragé l'exode rural vers les villes (zahf errifi)
5- Il a saboté l'agriculture du pays (révolution agraire)
6- il a freiné l'industrialisation du pays en créant des giga entreprises déficitaires au lieu de favoriser les PME publiques ou privées.
7- Il a favorisé la bureaucratie et la démagogie (discours fleuves de 3 ou 4 heures sans résultat final.
8- il a volé les gens : nationalisation des terres et des boulangeries ( oui les boulangeries jamais srat fel 3alem ya 3ibad Allah)
9- rekhes echaab : pour avoir un oeuf ou une pomme de terre il fallait faire une chaine d'une journée ou connaitre un minable au souk el fellah
10- il a limité les libertés : pour voyager à l'étranger il fallait une autorisation de sortie sauf si tu as du piston à la wilaya
11- c'est le système de boumedienne qui a créé et favorisé le piston et le régionalisme.
12- c'est à cause de Boumedienne que Lalmas, le meilleur joueur algérien de tous les temps n'a pu jouer à l'étranger

Aprés ça si pour certain c'est un radjel je ne vois pas en quoi? parceque c'était un dictateur peut-être ...
Image
User avatar
merouane
VIP
VIP
 
Posts: 1212
Joined: Sat 29 Dec 2007 02:08
Location: montreal
Top

Next

Return to Café Belouizdad (ex: Belcourt )

Who is online

Users browsing this forum: Alexa [Bot] and 0 guests